الأربعاء 2 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

 لمواجهة القضايا المستجدة  مركز الاستشراف الإفتائى خطوة عصرية

تمثل دار الإفتاء المصرية حالة فريدة من العمل المؤسسى  فى مجال الفتوى بمرجعية أزهرية، الأمر الذى دفعها لإنشاء أول مركز من نوعه يستهدف استشراف القضايا التى بحاجة لفتوَى عصرية، وخطوات عملية لتحقيق التوازن المجتمعى فى فهم الدين وتأصيل الجانب الخُلقى والقيمى. 



ويُعَد مركز الاستشراف الإفتائى، هو نتاج جهود الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم،  ووعيه بالعديد من  القضايا المعاصرة؛ حيث عنى المركز، بدراسات مجال الروبوتات، وما يتعلق بها من قضايا، ووظائف، وأحكام.. وعلى من تقع المسئولية والضمان.

 

ويهتم المركز بدراسات مجال الواقع الافتراضى (الميتافيرس)، وما يتعلق به من تساؤلات، متعلقة بأداء العبادات، أو المعاملات، وكذا ما يعمل على ضبط النفس، وحراسة الفضيلة والأخلاق، تحت مظلة هذا الواقع الافتراضى، حال غياب أعين النظار ورقابة الأشخاص.

وأوضح الدكتور محمود حسن البيطار، مدير مركز الاستشراف الإفتائى بدار الإفتاء المصرية، أن  من ضمن اهتمامات المركز ما يتعلق بتكنولوجيا النانو، وما يتصل بها من أحكام الطهارة، والتداوى، والطعام والشراب، وكذا تطرقت دراسات مركز الاستشراف الإفتائى، إلى لقاحات الحمض النووى، وما يتعلق به؛ من تجارب على الإنسان والحيوان، فى الحالات المختلفة.

وأضاف «البيطار»: إن رسالة المركز تقوم على تحقيق مفهوم الاستشراف الإفتائى، الذى هو «مهارة فقهية للمفتى؛ تهدف إلى استقراء شواهد الواقع المعيش، ومعطياته؛ للوقوف على ما قد يتولد عنها من قضايا إفتائية، لم يسبق التطرق إليها، فى محاولة لإيجاد فتاوَى استباقية لها، قبل الشيوع والانتشار»؛ وذلك انطلاقًا من هذا المبدأ، الذى بذَرَ بذرته الإمام الأعظم أبو حنيفة؛ مؤسّس معنىّ الافتراض الفقهى: «إنا نستعد للبلاء قبل نزوله، فإذا ما وقع، عرفنا الدخول فيه، والخروج منه».

ولفت إلى أن بحوث مركز الاستشراف الإفتائى تطرقت إلى مجال التعديل الجينى، وقضاياه المستقبلية، وما يتعلق به من طموحات وتجارب وعلاجات، وجاءت الطباعة الثلاثية عامّة، والطباعة الحيوية وآمالها المستقبلية- على وجه الخصوص- باعتبارها أحد أهم المجالات الطبية، التى تطرّق إلى تأصيل أحكامها مركز الاستشراف الإفتائى.

وأوضح أن المركز لم يغفل عن تناول مجال تركيب شرائح الرأس، وما يتعلق به من تساؤلات وأحكام، ضمن أغراضها المختلفة، وغيرها من المجالات الإفتائية الاستشرافية الأخرى، وما يتصل بها من قضايا. موضحًا أن كل ذلك فى محاولات بحثية جادة، تقوم على مراحل أربع، تجمع بين: التصوير، ثم التكييف، ثم التدليل، ثم تنزيل الحكم والإفتاء فى محاولة فقهية إفتائية، همّها مجاراة قضايا الواقع المتسارع؛ بل استشراف تساؤلاته الإفتائية، وتطلعاته المستقبلية.

 رعاية الأخلاق 

وقال الدكتور محمود حسن البيطار، مدير مركز الاستشراف الإفتائى بدار الإفتاء المصرية، إن الاهتمام بالمنظومة الأخلاقية يُعد من أحدث  القضايا التى عنى بها؛ لأن أكبر أزمة تواجه إنسان هذا العصر، هى أزمة الطغيان المادى، ففى ظل عالم متسارع جاءت عقوده الأولى للألفية الثالثة منطوية على تقدم غير مسبوق، كما أن نتائجه- على مستوى المجالات كافة - غير ملحوقة؛ وظنت البشرية أن هذه العقود قدمت إليها، حاملة من رقى الإنسانية الأخلاقى، بمقدار ما حملته من هذا التقدم، وسرعان ما يزول هذا الظن، ويتبين لذوى العقول للوهلة الأولى، أنه حلم من أحلام اليقظة؛ إذ لم يواكب هذا التقدم برقى موازٍ فى مجال القيم والأخلاق؛ بل إنه- فى بعض حالاته- كان تقدمًا أصم عن الاستماع لصوت الضمير الإنسانى، الذى يناديه فى سائر الميادين.

وأضاف «البيطار»، إنه  لذلك يأتى دَور المؤسّسة الإفتائية لحفظ منظومة الأخلاق، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق مقاصد الشرع الحنيف، بتحقيق أحكامه؛ إذ إنَّ هذه المقاصد هى هدف التشريع الأسمَى؛ وقِبلة المفتى العظمَى.

وأشار مدير مركز الاستشراف الإفتائى إلى أن هذا الحكم سواء كان بالدلالة المباشرة، أو الاجتهاد؛ وفق ما أقره إمام الأصول الشافعى فى «رسالته»، حينما قال: «كل ما نزل بمسلم فقيه حكم لازم، أو على سبيل الحق فيه دلالة موجودة» ؛ فكلها أحكام جاءت بها البعثة النبوية، التى كان من أسمَى مقاصدها، وأهم معانيها: تـتميم مكارم الأخلاق.

وأوضح أن دَور المؤسّسات الإفتائية؛ هو لتذكر بتعاليم الدين الحنيف، ولتصنع منها حصنًا منيعًا واقيًا، ضدَّ فوضى القيم، وعبث الأخلاق، ولتبعث فى النفس نبض ضميرها الخافت من جديد؛ من خلال ضبط أفعال المكلفين، بأحكام رب العالمين.

 قيم الحوار 

 من جهته أوضح فاروق زيد، مدير وحدة حوار بدار الإفتاء المصرية، أن هناك وحدة للحوار بدار الإفتاء وتعد  نموذجًا عمليًا على قيم الحوار والتعايش، وأن حوار الأديان ليس تبشيريًّا بحيث يُظهر كل مُحاور أجود ما فى دينه ويُظهر أسوأ ما فى الآخر؛ بل الهدف الأهم هو الإخاء الإنسانى الذى يعنى تبادل المعرفة عن الديانات. وأكد أن دار الإفتاء المصرية اهتمت بهذا المعنى من خلال تجربتها فى حقلين أساسيين.

واستعرض مدير وحدة حوار جهود دار الإفتاء المصرية فى الحقل الأول؛ حيث مدَّت جسور التواصل مع الآخر الداخلى عن طريق كتابة بحوث ودراسات تُعنى بالحوار مع الآخر، وعقد فعاليات وبروتوكولات تعاون مع مؤسّسات الحوار فى العالم.

وأضاف: إن الحقل الثانى تضمّن إدخال مفاهيم مركزية جديدة داخل نمط التفكير الفقهى والإفتائى تركز على إمكانية لَمّ الشمل الدائم بين أتباع الأديان والقضاء على فكرة صراع الأديان أو صدام الحضارات.

وشدّد «زيد»، على أن دار الإفتاء المصرية تمكنت من تحقيق أهداف السلام والحوار بين الأديان من خلال نماذج واقعية. مشيرًا إلى أهمية مواصلة البحث فى هذا المجال وتعزيز الجهود لتحقيق التفاهم والتعايش السلمى بين أتباع الأديان المختلفة.